Home Workplace Revolution: How Remote Work Became the New Normal in Italy and Beyond

ثورة العمل من المنزل: كيف أصبح العمل عن بُعد هو الوضع الطبيعي الجديد في إيطاليا وخارجها

قبل بضع سنوات فقط، كانت فكرة العمل من المنزل فكرةً بعيدة المنال بالنسبة لمعظم الناس، إذ كانت غالبًا ما ترتبط ببضعة أدوار تقنية مختارة أو وظائف مستقلة متخصصة. أما اليوم، فقد أصبح واقعًا عالميًا، يُعيد تشكيل الحياة المهنية حول العالم جذريًا. في السنوات الخمس الماضية، شهدت طريقة عملنا تحولًا سريعًا وعميقًا، مما يُظهر تحولًا جذريًا في قدرة الإنسان على التكيف والقدرات التكنولوجية.

 

من فائدة متخصصة إلى معيار عالمي: التسارع الكبير

قبل عام ٢٠٢٠، كان العمل عن بُعد اتجاهًا محدودًا ولكنه آخذ في الازدياد. ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، لم تتجاوز نسبة الوظائف التي تُؤدى عن بُعد بانتظام ٤٪ من إجمالي الوظائف . وفي العديد من الدول الأوروبية، كانت النسبة أقل من ذلك، مما يعكس تفضيلًا ثقافيًا قويًا للتعاون الشخصي.

ثم جاء التحدي غير المسبوق لجائحة كوفيد-19. بين عشية وضحاها، اضطرت الشركات حول العالم إلى اعتماد العمل عن بُعد على نطاق واسع. أثبتت هذه التجربة المفاجئة والقسرية أن العمل عن بُعد في العديد من القطاعات - من تكنولوجيا المعلومات والتسويق إلى خدمة العملاء والتعليم - لم يكن ممكنًا فحسب، بل كان أيضًا ذا إنتاجية عالية. في ذروته، كان ما يقرب من 70% من القوى العاملة بدوام كامل في بعض المناطق تعمل من المنزل، وهي قفزة هائلة عن أرقام ما قبل الجائحة. غيّر هذا التحول العالمي السريع المفاهيم جذريًا، وحطم المعتقدات الراسخة حول كفاءة وضرورة مكان العمل.

وقد رسمت الكميات الهائلة من البيانات والدراسات منذ ذلك الحين صورة واضحة لهذا التحول الزلزالي وتأثيره الدائم:

  • وسلطت دراسة أجرتها مؤسسة يوروفاوند الضوء على أن نسبة كبيرة من القوى العاملة الأوروبية استمرت في العمل عن بُعد حتى بعد رفع القيود الأولية، حيث أفاد العديد منهم بتفضيل قوي لهذه المرونة الجديدة.
  • وبحلول عام 2024، كشفت بيانات من مصادر مثل جارتنر أن 4 من كل 10 وظائف تسمح الآن بنوع ما من العمل عن بعد أو العمل الهجين على مستوى العالم، مما يعزز هذا النموذج باعتباره عنصرا ثابتا في مكان العمل الحديث.

 

صعود رواد الأعمال عن بعد والإبداع العالمي

لم تقتصر ثورة بيئة العمل هذه على موظفي الشركات، بل غذّت أيضًا طفرةً هائلةً في أعداد المهنيين المستقلين، ومنشئي المحتوى، وأصحاب الأعمال المنزلية. وتراجعت عوائق دخول ريادة الأعمال بشكل كبير، إذ لم تعد الحاجة إلى مساحة مكتبية فعلية شرطًا أساسيًا لإطلاق مشروع ناجح وتوسيع نطاقه.

  • طفرة العمل الحر: يشهد عدد العاملين المستقلين نموًا هائلًا عالميًا. في أوروبا، يُمثلون أسرع شريحة نموًا في سوق العمل ، حيث يضمّون أكثر من 22 مليون عامل مستقل. يوفر العمل من المنزل لهؤلاء المهنيين الاستقلالية والمرونة لإدارة مشاريعهم وعملائهم، مع الموازنة غالبًا بين أدوارهم المتعددة ومصادر دخلهم المتنوعة.
  • اقتصاد المبدعين: شهد ما يُسمى "اقتصاد المبدعين" ازدهارًا هائلاً منذ عام ٢٠٢٠. ويوجد الآن أكثر من ٢٠٧ ملايين شخص حول العالم يُعتبرون منشئي محتوى محترفين ، يُحوّلون شغفهم على منصات مثل يوتيوب وتيك توك وإنستغرام إلى أعمال تجارية بدوام كامل. يعمل هؤلاء الأفراد بشكل شبه حصري من المنزل، ويتطلبون إعدادات متطورة لإنتاج الفيديو والتصميم الجرافيكي وإدارة المحتوى.
  • الأعمال المنزلية: ساهم اتجاه العمل عن بُعد في تعزيز ريادة الأعمال منخفضة التكلفة. واليوم، تُشكل الأعمال المنزلية 69% من جميع الشركات الناشئة ، وهي إحصائية تُبرز مدى سهولة بدء الأعمال. يتيح هذا لأصحاب الأعمال الصغيرة، من رواد الأعمال في التجارة الإلكترونية إلى الاستشاريين ومقدمي الخدمات، التركيز على شغفهم الرئيسي دون تكبد تكاليف إدارية باهظة وتعقيدات لوجستية تُصاحب المكاتب التقليدية.

 

السنوات الخمس القادمة: رؤية للمستقبل

وتشير الأرقام والاتجاهات الحالية إلى استنتاج واحد واضح لا يمكن إنكاره: وهو أن العمل عن بعد والهجين هنا ليبقى، وسوف يتعمق تأثيره فقط خلال نصف العقد المقبل.

  • النمو المستمر للنماذج المرنة: تشير توقعات السنوات الخمس المقبلة إلى استمرار تزايد عدد العاملين عن بُعد والعاملين بنظام العمل الهجين. ويتوقع المنتدى الاقتصادي العالمي أنه بحلول عام 2030، سيرتفع عدد الوظائف الرقمية العالمية التي يمكن أداؤها عن بُعد بنسبة 25% ، ليصل إلى ما يُقدر بـ 92 مليون وظيفة.
  • هيمنة العمل الهجين: يُصبح نموذج العمل الهجين، الذي يجمع بين مرونة العمل عن بُعد ومزايا التعاون في التفاعل الشخصي، بسرعة هو المعيار السائد في العديد من الشركات. على سبيل المثال، أظهر استطلاع أجرته شركة سلاك أن 72% من الموظفين يُفضلون نموذج العمل الهجين على العمل عن بُعد أو العمل في المكتب بشكل كامل، مما يُبرز رغبة قوية لدى الموظفين في المرونة.
  • التطور التكنولوجي: ستتميز السنوات الخمس المقبلة باعتماد أكبر على برامج التعاون المتقدمة، وأدوات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الإنتاجية، وإجراءات أمن سيبراني فعّالة مصممة خصيصًا للفرق الموزعة. كما قد تلعب الابتكارات في الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR) دورًا أكثر أهمية في خلق بيئات اجتماعات عن بُعد غامرة.
  • التركيز على الصحة وبيئة العمل: مع تزايد اعتماد العمل عن بُعد، سيزداد التركيز على صحة الموظفين. ستدرك الشركات والأفراد على حد سواء الآثار الصحية طويلة المدى المترتبة على سوء تجهيز المكاتب المنزلية، مما سيزيد الطلب على الأثاث المريح، والإضاءة الأفضل، والإكسسوارات التي تعزز الصحة البدنية والنفسية.
  • إعادة تشكيل المشهد الحضري: ستستمر المناطق الحضرية في مواجهة التأثيرات المتتالية. ويمكننا توقع تطور مستمر للمناطق السكنية مع تزايد تكيف المنازل للاستخدام المزدوج (السكن والعمل). ومن المرجح أن تزدهر مساحات العمل المشترك كمراكز للتواصل والتعاون، وخاصةً للعاملين لحسابهم الخاص والعاملين عن بُعد الذين يسعون إلى التفاعل الاجتماعي من حين لآخر. وقد تحدث أيضًا تحولات في الطلب على العقارات التجارية مع إعادة الشركات تقييمها لمواقعها.

لا يقتصر مستقبل العمل على المكان الذي تقصده، بل على ما يمكنك تحقيقه، ومدى جاهزيتك لتحقيقه من أي مكان. إنه مستقبل يُحدده التركيز الجديد على التوازن السليم بين العمل والحياة، ومرونة أكبر، وتمكين الأفراد من بناء مساراتهم المهنية وأعمالهم من خلال مساحاتهم المصممة بعناية. هذه الثورة لا تقتصر على التكنولوجيا فحسب؛ بل تشمل إعادة تصور جذرية للإنتاجية والرفاهية والإنجاز المهني.

العودة إلى المدونة